فصل: اليهود والهجرة النبوية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يقول بن جوريون: «لسنا عميانا، إننا على علم أكيد بأن فلسطين ليست بلدًا خاويًا، بل إننا نعرف أن ملايين العرب يسكنون في الأراضى الواقعة بين ضفتى نهر الاردن الشرقية والغربية، كما أن هناك ملايين وملايين العرب من الذين قطنوا فلسطين منذ ألوف السنين، وأنهم يعتبرون أنفسهم بحق أبناء فلسطين».
ويزيد الأمر وضوحا وجلاءً فيقول: «ليس العرب في حاجة إلي شراء أراضى فلسطين، لأنها أراضيهم، وليسوا في حاجة إلي هجرة عرب إلي فلسطين، لأنهم أصحابها الشرعيون، وهم يقيمون فيها، إن كل شيء في فلسطين هو ملك العرب ما عدا الحكومة».
وبالرغم من هذا الاعتراف الصحيح الصريح، فقد استولى على أرض فلسطين، وهنا تجدر الإشارة إلي حقيقة مهمة مضمونها: أن احتلال اليهود لفلسطين ليس هدفهم النهائى، وانما هي فقط أرض الميعاد كما جاء في التوراة المحرقة!! وإن إقامة دول إسرائيل الكبرى من النيل إلي الفرات ليس هدفا نهائيا لليهود كما تزعم كتبنا وأقلامنا؟! وانما هي فقط مرحلة الاستيلاء على منابع المياه، وهو هدف استرايجى هام لليهود لا يقل عن الاستيلاء على مصادر الذهب، ومصادر البترول!!
ولكن الهدف الحقيقى والنهائى الذي يتقرب به اليهود إلي الشيطان هو السيطرة على العالم كله، واحتلال العالم الا حكومة واحدة من اليهود!! ولذلك من يفهم عقيدة اليهود، وطبيعة اليهود سيجد أن ما يفعلونه الان في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هو أمر طبيعى ومألوف عندهم لأنه تطبيق حرفى لعقيدتهم وان كانت باطلة، وإليك الدليل من كتاب اليهود المقدس «التلمود».
يقول: «التلمود» «يجب على كل يهودى ان يسعى لأن تظل السلطة على الأرض لليهود دون سواهم، وقبل أن يحكم اليهود نهائيا باقى الأمم، يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق، ويهلك ثلثا العالم، وسيأتى المسيح الحقيقى، ويحقق النصر القريب، وحينئذ تصبح الأمة اليهودية غاية في الثراء؛ لأنها تكون قد ملكت أموال العالم جميعا، ويتحقق أمل الأمة اليهودية بمجىء إسرائيل، وتكون هي الأمة المتسلطة على باقى الأمم عند مجىء المسيح».
وعندما يسعى اليهود لتحقيق أهدافهم الدينية، فإنهم لا يبدءون باحتلال الأرض، وانما باحتلال العقل! ويحتل اليهود العقول عن طريق فتح الحدود الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى تصبح ثروات المسلمين ركازًا لهم، وجامعاتهم ومؤسساتهم الثقافية أوكارًا لأفكارهم، وبلاد المسلمين أسواقا لبضائعهم، ويتحول المسلمون في نهاية الأمر إلي عمال كادحين تابعين لمؤسسات يهودية، وشركات يهودية، وبنوك يهودية، وحكومات يهودية، وهنا يتساءل القارىء: إذا كان هذا هو هدف اليهود وعقيدتهم، فأين دور أمريكا راعية السلام كثيرة الكلام، والمدافعة عن حقوق الإنسان والحيوان والحشرات والهوام!!
وهو سؤال مهم، وجوابه أهم.

.أمريكا واليهود:

يخطىء من يعتقد أن أمريكا تقف على الحياد بين العرب واسرائيل، ويخطىء- كذلك- من يعتقد أن أمريكا ودول الغرب يقفون بجانب إسرائيل!! أما الحقيقة التي لا مراء فيها فهى أن أمريكا بعد ان احتل اليهود عقول حكامها قد أصبحت أشد حرصا على تحقيق أهداف اليهود، من حرص اليهود على تحقيق أهدافهم!!
حتى ان الأمريكان المتدينين يعيبون على اليهود فكرة تخليهم عن الضفة الغربية، ويعتبرون ذلك كبيرة من الكبائر.
يقول مايك ايفانز- قسيس أمريكى أصولى-: «إن تخلى إسرائيل عن الضفة الغربية سوف يجر الدمار على إسرائيل، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية من بعدها، ولو تخلت إسرائيل عن الضفة الغربية وإعادتها للفلسطينيين، فإن هذا يعنى تكذيبا بوعد الله في التوراة!! وهذا سيؤدى إلي هلاك إسرائيل، وهلاك أمريكا من بعدها، إذا رأتها تخالف كتاب الله وتقرها على ذلك!».
أى أن هذا القسيس الأمريكي يطالب أمريكا بمنع إسرائيل بقوة من التنازل عن الضفة الغربية، وذلك من باب تغيير المنكر، وعدم السكوت عليه!
ويقول جيرى فولويل- وهو صديق نصرانى للرئيس بوش-:
«ان الولايات المتحدة الأمريكية جمهورية نصرانية يهودية».
بل يقول: «ان الوقوف ضد إسرائيل هو وقوف ضد الله!» ويضيف:
«انه لا يحق لإسرائيل ان تتنازل عن شيء من أرض فلسطين، لأنها أرض التوراة التي وعد الله بها شعبه».
ولقد نجح اليهود في اختراق عقول حكام أمريكا، وصانعى القرار في الدول الغربية نجاحا عجيبا، حتى أنهم استطاعوا اقناع الرئيس ولسون الذي كان يحكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى بأن عدد اليهود في العالم مئة مليون، بينما كانوا في الواقع أحد عشر مليونا فقط، وقد تبين ان الدافع وراء اصدار بلفور لوعده المشئوم هو أنه كان يؤمن بالتوراة ايمانًا عميقًا ويقرؤها، ويصدق بها حرفيا، بل كان رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت، وهو «لويد جورج» يقول عن نفسه: «انه صهيونى، وانه يؤمن بما جاء في التوراة من ضرورة عودة اليهود، وأن عودة اليهود مقدمة لعودة المسيح».
والعجيب في هذه القضية ان جميع رؤساء أمريكا السابقين واللاحقين، كذلك الدول الغربية ينظرون إلي المشكلة على أنها قضية دينية ينبغى الالتزام حيالها بما جاء في التوراة، بينما ينظر إلي معظم حكام البلاد العربية والاسلامية على أنها مشكلة قومية أو شرق أوسطية ينبغى الالتزام حيالها بما تملية الشرعية الدولية- اى التوراة المحرفة- يقول الرئيس «كارتر» كما في كتاب «الُبعد» الديني: لقد آمن سبعة رؤساء أمريكيين، وجسدوا هذا الايمان بأن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل هي أكثر من علاقة خاصة؛ بل هي علاقة فريدة لأنها متجذرة في ضمير وأخلاق ودين ومعتقدات الشعب الأمريكى نفسه، لقد شكل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون طليعيون، ونحن نتقاسم التوراه).
ويقول الرئيس: «ريجان»: «إننى دائمًا أتطلع إلى الصهيونية كطموح جوهرى لليهود، وبإقامة دولة إسرائيل تمكن اليهود من إعادة حكم أنفسهم بأنفسهم في وطنهم التاريخى ليحققوا بذلك حلمًا عمره ألفا عام»، ومن قبله قال الرئيس الأمريكى «نيكسون»: «عندما كانت أمريكا ضعيفة وفقيرة منذ مائتى سنة مضت كانت عقيدتنا هي المبقية علينا، ونحن ندخل قرننا الثالث، ونستقبل الألف سنة المقبلة، أن نعيد اكتشاف عقيدتنا، ونبث فيها الحيوية».
ومن بعدهم قال: «كلينتون»: في خطابه أمام القيادات اليهودية عام (1992م): «إننى أعتقد أنه يتوجب علينا الوقوف إلى جانب إسرائيل في محاولاتها التاريخية لجمع مئات الألوف من المهاجرين لمجتمعها ودولتها».
بل إنه يوجد في القدس منظمة نصرانية تنتشر فروعها في جميع أنحاء العالم، وهى من أشد المنظمات خطرا وضررا، وتسمى «السفارة المسيحية الدولية».
ويقول مؤسسها: «إننا صهاينة أكثر من الإسرائيليين أنفسهم!! وإن القدس هي المدينة الوحيدة التي تحظى باهتمام الله، وإن الله قد أعطى هذه الأرض لإسرائيل إلى الأبد».
وتعتقد هذه المنظمة أن الضفة الغربية وقطاع غزة حقوق أعطاها الرب للشعب اليهودى!!.
فهل بعد كل هذه الحقائق يطمع العرب المسلمون أن تحل أمريكا المشكلة، ويتخلى رؤسائها وصانعو القرار فيها عن عقيدتهم الدينية.
والعجيب في هذه القضية أن حكامنا المؤمنين بالقرآن، يطالبون حكام أمريكا والغرب واليهود أن يكفروا بالتوراه!! عندما يطلبون منهم التنازل عن بعض أرض الميعاد للفلسطينيين!! ولن يكفر اليهود بنصوص التوراه المحرفة إلا إذا لوج الجمل في سم الخياط!! أو رفع حكامنا راية الجهاد.
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله القوى العزيز.
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

.اليهود والهجرة النبوية:

تذكر المصادر التاريخية أن اليهود قد نزحوا إلى الجزيرة العربية سنة (70م) بعد حرب اليهود والرومان، والتى انتهت إلى خراب بلاد فلسطين، وتدمير هيكل بيت المقدس.
ومن الثابت في ضوء التاريخ أن اليهود يحبون العداوة والبغضاء حبًا جمًا! وهم يعادون ويكرهون كل البشر، حتى إنهم يعادى بعضهم بعضًا، ويقتل بعضهم بعضًا، يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون في كتابه «تاريخ اليهود»: قد كانت هناك عداوة بين بنى قينقاع وبقية اليهود، سببها أن بنى قينقاع كانوا قد اشتركوا مع بنى الخزرج في يوم «بُعاث، وقد أثخن بنو النضير وبنو قريظة في بنى قينقاع ومزقوهم كل ممزق!! مع أنهم دفعوا الفدية عن كل من وقع في أيديهم من اليهود من الأسرى! وقد استمرت هذه العداوة بين البطون اليهودية بعد يوم بُعاث».
وقد بين القران الكريم هذه العداوة بين اليهود قى قول الحق جل وعلا {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} [البقرة: 84، 85]، وقد استعمل اليهود الدسائس والمؤامرات والعتو والفساد- كما هي عادتهم دائمًا- في نشر العداوة والشحناء بين القبائل العربية المجاورة، وكانوا يغرون بعضها على بعض بكيد خفى لم تكن تشعر به القبائل، فيقعون في حروب دامية متواصلة، وتظل أنامل اليهود تؤجج نيرانها كلما رأتها تقارب الخمود والانطفاء، كما قال اله عز وجل: {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ} [المائدة: 64].
*وقبل أن يبعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم كان اليهود يعترفون بنبوته، ويقرون برسالته!! وقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق عن أشياخ من الأنصار أنهم قالوا: كنا قد علونا اليهود قهرًا دهرًا في الجاهلية ونحن أهل شرك، وهم أهل كتاب وهم يقولون: إن نبيًا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عادٍ وإرم!! فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه كفروا به.
ونقل أيضًا عن ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس- رضى الله عنهما- أنه قال: إن يهودًا كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقوون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر اليهود، اتقوا الله وأسلموه، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ونحن أهل شرك، وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أخو بنى النضير: ما جاءنا بشئ نعرفه، وما هو بالذى كنا نذكر لكم!! فأنزل الله في ذلك قوله: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89]، أى اليهود.
وقال أبو العالية: كانت اليهود تستنصر بمجمد صلى الله عليه وسلم على مشركى العرب يقولون: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبًا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم؛ فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا أنكر اليهود النبوة بعد اعترافهم بها، وجحدوا الرسالة بعد إقرارهم لها، وكذلك يفعلون في كل عهد ووعد، فلا يستغرب اليوم من صنيعهم إلا من لا يعرف تاريخهم!.
* وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأنصار يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى ظاهر المدينة يترقبون وصوله ويدخلون بيوتهم إذا اشتد الحر، وكان اليهود يراقبون صنيع الأنصار في قلق واضطراب، حتى إن أول من رأى رسول الله قادمًا إلى المدينة رجل من اليهود، فصرخ اليهودى بأعلى صوته، وأخبر النصار بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كفروا بما أخبرتهم به كتبهم، وجحدوا ما أقرت به- قبل ذلك- ألسنتهم!!.